كل دة في انتظار البابا

يعود البابا شنودة يوم الاثنين الموافق 20/10/2008بعد رحلة علاجية في الولايات المتحدة قاربت الثلاثة أشهر بما يجعلها الغياب الأطول له خارج مصر.. يعود البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية غدا الإثنين 20-10-2008 إلى القاهرة؛ حيث تستعد الكنيسة القبطية لإقامة احتفالية كبرى بهذه المناسبة، وإن كانت العديد من الملفات الشائكة التي بقيت معلقة بانتظار عودته، ستحرمه من قضاء فترة نقاهة طويلة.

وتعد قضية "وفاء قسطنطين" على رأس هذه الملفات الشائكة؛ حيث ينتظر أن يحسم البابا شنودة مسألة ظهورها على شاشة فضائية (أغابي) القبطية من عدمه، لتنفي بنفسها الأنباء التي ترددت عن مقتلها على أيدي الرهبان في دير وادي النطرون لإصرارها على التمسك بالإسلام.

وكانت "وفاء قسطنطين"، المتزوجة من كاهن مسيحي، قد أثارت ضجة واسعة قبل أربع سنوات إثر اعتناقها الإسلام، وما أعقب ذلك من إعلان الكنيسة أنها "أقنعتها" بالتراجع عن ذلك، لتتوارى بعد ذلك عن الأنظار في دير وادي النطرون بالصحراء الغربية لمصر.

لكن اسمها عاد مرة أخرى للتردد بعد اتهامات ساقها الداعية المصري الدكتور زغلول النجار بأن رهبان مسيحيين قاموا بذبح قسطنطين في دير وادي النطرون، مستدلا على ذلك بعدم ظهورها للعلن منذ نقلها لدير وادي النطرون.

الكاهن المزور

ومن القضايا الأخرى الشائكة التي تنتظر عودة البابا أيضا، الأزمة الأخيرة التي أثارتها إدانة القس الأرثوذكسي متاؤس وهبة، كاهن كنيسة "الملاك ميخائيل" بمنطقة كرداسة، إحدى ضواحي محافظة الجيزة، بتهمة تزوير محرر رسمي بهدف تزويج فتاة مسلمة تنصرت لشاب مسيحي.

وقامت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية باستئناف الحكم بالوكالة عن وهبة، كما شنت المواقع الإلكترونية المحسوبة على أقباط المهجر هجوما ضاريا على الحكم، ووصل الأمر بالمتنصر "محمد حجازي" لدعوة كافة أقباط الداخل والخارج إلى الإضراب العام يوم الإثنين 20 أكتوبر الجاري، ومقاطعة المحلات والشركات والمنشآت التي يمتلكها من وصفهم بـ"المسلمين المتشددين" في مصر.

كما تم دعوة أقباط المهجر للتظاهر أمام مقرات السفارات المصرية بالخارج في نفس اليوم.

وكانت محكمة جنايات الجيزة قد أدانت القس متاؤس بتهمة تزوير شهادة ميلاد المتنصرة ريهام عبد العزيز -مستخدما بيانات شهادة ميلاد شقيقته- لإصدار بطاقة هوية استعملت في تزويج المتنصرة من المتهم الثالث في القضية أيمن فوزي زخاري، والذي لا يزال هاربا مع المتنصرة.

أزمة أبو فانا

أما الملف الثالث، الذي ما زال معلقا بانتظار عودة البابا شنودة، فهو يتعلق بأزمة دير أبو فانا بجنوب مصر التي تصاعدت على إثر الاشتباكات التي وقعت بين رهبان الدير وبعض الأعراب بسبب نزاع على قطعة أرض؛ ما أسفر عن مقتل شخص مسلم.

أزمة أبو فانا، بحسب مراقبين، تعد هي الأخطر؛ لعدم توقيع صلح نهائي بين الرهبان والعربان، بعد رفض والد الضحية المسلم التنازل عن حق الدم بالنسبة لابنه، كما رفضت الكنيسة بدورها عرضا للصلح، بدعوى أن المشكلة الأصلية التي تسببت في اندلاع الأزمة ما زالت بدون حل.

"أندرو وماريو"

الملف الرابع هو قضية الطفلين أندرو وماريو اللذين حصل والدهما مدحت رمسيس لبيب- نصراني اعتنق الإسلام- على حكم نهائي من محكمة استئناف الإسكندرية بأحقيته في ضمهما؛ إلا أنه بعد الحكم أخفت الأم كاميليا لطفي جاب الله الطفلين في إحدى الكنائس؛ حيث طالبت أوساط مسيحية من الرئيس المصري حسني مبارك بالتدخل لوقف تنفيذ حكم الضم.

واستند الوالد في دعواه إلى أنه أسلم، ويريد أن يتبع ولداه ملته الجديدة التي تختلف عن ديانة أمهما المسيحية، وأكد أن الولدين أصبحا مسلمين بالتبعية له، يذكر أن الأم حصلت على فتوى من الدكتور علي جمعة مفتي مصر لتمكينها من حضانة طفليها اللذين لم يتجاوزا عامهما الرابع عشر.

زي ورواتب

وفي السياق نفسه، ينتظر المجمع المقدس توقيع البابا على قرارين هامين، الأول: خاص بتطبيق زي موحد للكهنة حتى يتم منع الكهنة المشلوحين وأتباع القس ماكس ميشيل (مكسيموس الأول) رئيس كنيسة المقطم المنشقة من استخدام الزي الكهنوتي.

ويوجد اقتراح داخل المجمع بتشكيل لجنة مشتركة من الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذكسية لدراسة تطبيق زي موحد وقانوني لرجال وعلماء الدين المصريين من الديانتين.

ولفتت المصادر الكنسية إلى أنه في حالة تعثر تكوين مثل هذه اللجنة، سيوجه المجمع المقدس برئاسة البابا شنودة خطابا للرئيس مبارك لتسجيل الزى القانوني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

أما القرار الثاني، الذي ينتظر موافقة البابا، فهو التوقيع على زيادة الرواتب والإعانات التي تصرفها الكنائس للأسر الفقيرة، بواقع 50% لمواجهة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة، كما تشمل الزيادة أيضا مرتبات المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة بالكنيسة.

من جهة أخرى، قالت مصادر كنسية إن البابا يدرس قرارا بتشكيل لجنة للإعلام تكون بمثابة قناة للتواصل بين الكنيسة ورجال الإعلام، بحسب اقتراح تقدم به الأنبا موسى أسقف الشباب.

متاعب صحية

يذكر أن البابا شنودة اضطر للسفر بشكل عاجل إلى الولايات المتحدة مطلع الصيف الماضي لتركيب "شريحة" في قدمه بمستشفى كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية بعدما أصيب بشرح في فخذه الأيسر أثناء وجوده في المقر البابوي.

وبحسب مصادر طبية بالولايات المتحدة، فإن البابا شنودة لن يستطيع السير بعد ذلك على قدميه بدون "عكاز"؛ نظرا لعدم ثبات الشريحة التي وضعت في فخذه؛ حيث يحتاج الأمر لثلاثة أشهر أخرى للتأكد من نجاح العملية.

كما أنه لن يستطع الوقوف لمدة طويلة أيضا حتى مع الاستناد للعكاز حتى لا يحمل على قدمه كثيرا.

ونصحه الأطباء بـ"عدم إجهاد نفسه مطلقا"، بحسب المصادر، حتى لا تحدث مضاعفات، إضافة إلى معاودة زيارة المستشفى الشهر المقبل للاطمئنان على صحته، لكن مصادر قبطية أكدت أن حالة البابا الصحية لن تعرقله عن القيام بالمهام التي اعتاد القيام بها.

"احتفالية كبرى"javascript:emoticonp('')

وفيما يتعلق بترتيبات الاحتفال بعودة بطريرك الأقباط، قال مصدر كنسي مطلع في تصريح خاص لـ"إسلام أون لاين.نت": إن الكنيسة بحثت مع السلطات المصرية إقامة احتفالية كبرى بمطار القاهرة "ابتهاجًا بعودة البابا"، إلا أن الأخيرة أبدت تحفظها على هذا الأمر، وأقنعت الكنيسة بإقامة هذه الاحتفالية داخل فناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

وكشف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه أن "الاحتفالات سيتخللها كلمة يتحدث فيها البابا كالعادة"؛ وذلك لطمأنة رعايا الكنيسة على تحسن حالته الصحية، والتأكيد على نجاح العملية الجراحية التي أجريت له.

بدوره، أشار القمص عبد المسيح بسيط كاهن كنيسة مسطرد لإسلام أون لاين إلى أن البابا كان يتابع كل التقارير التي تصله وهو في الولايات المتحدة، ويعتمد كل القرارات الهامة، بما في ذلك أزمة أبو فانا، علاوة على قراراته الخاصة بتشكيل لجان ذات نشاط اجتماعي ترعى الفقراء.

ومن جانبه، رأى كمال زاخر، منسق جبهة العلمانيين الأقباط،" أن وجود البابا في مصر يجعل الأمور مختلفة بالنسبة للمسيحيين وقضاياهم؛ "لأن الدولة تعطي له ثقلا كبيرا في التفاوض"، بحسب زاخر.