ضبط الفكر
صفحة 1 من اصل 1
ضبط الفكر
ضبط الفكر
+ سأل أخ شيخا قائلا :
" أي شيء أصنع ، فأن أفكارا كثيرة تقاتلني ولست أدري كيف أقاتلها ؟ " . فقال له الشيخ : " لا تقاتل مقابل الكل دفعة واحدة ، ولكن قاتل واحدة ، لن أفكار الراهب أنما لها رئيس ، فاجعل بالك الي رئيسها ، ونحوه أجعل قتالك ، فإذا هزمت الفكر ، فقد أنهزمت البقية " .
+ سؤال :
كيف يمكنني أن أجيب أفكاري وليست لدي قوة ؟
+ الجواب :
لأنك تدين أخاك ، لهذا تنقطع قوة الروح القدس ، فتعثر بأخيك وأنت سبب العثرة ، أن كنت متأكدا أن الله حاضر وناظر لكل شيء ، فلم تبغض أخاك . أوضح لله أفكارك ، وقل أن الله يعرف ما فيه الخير ، وبذلك تستريح ، وشيئا فشيئا تأتيك قوة تستطيع بها أن تحتمل كل ما يأتيك ، كل من لا يحتمل الشتيمة فلن يبصر التسبحة ... وكل من لا يترك الغضب فلن ينذوق الحلاوة ، فأحرص بكل قوتك علي أن تكون غريبا عن الغضب ، ولتكن قدوة ومثالا لمنفعة الكل ولا تدن أحدا كما لا تحكم علي أحد .
+ سؤال :
كيف يمكن للانسان أن يفتش أفكاره لينجو من السوء ؟
+ الجواب :
تفتيش الأفكار هو هكذا : اذا أتاك فكر تأمل كنهه ، ولكي أقرب لك المعني أسوق اليك مثلا . اذا أتفق وشتمك انسان ، وأتاك الفكر أن ترد عليه ، قل لفكرك أن انا رددت عليه أحزانته وأعثرته ، فلأصبر أنا قليلا والأمر يجوز بسلام . كذلك أن كنت واحدا علي انسان أو في داخلك فكر بالشر من ناحية انسان فقل ما يأتي : أن الذي يفكر فتشه واقطعه عنك .
أما بخصوص الشهوة فأنها تحتاج انتباها كثيرا ، كما قال الآباء : أن أنت وجدت عقلك محاربا في الزني فتعال به الي القدسية . وأن حورب في الحنجرة فتعال به الي الامساك .وأن حورب في البغضة تعال به الي المحبة . وبذلك تصبح علي الدوام في يقطة وحذر ونجاة .
+ قال الأب برصنوفيوس :
اذا ما حركك فكر من الشيطان علي انسان ، فقل في نفسك بطول روح : أني قد أخضعت ذاتي لله لكيما اخدم آخرين ، فكيف عنك الفكر ، وكن دائما مستقصيا عن أفكارك ، ولتبكتها ، لأن الذي يبكت افكاره ويقول أنه خاطجيء ، وهو في فعله ليسر خاطئا ، فلهذا هو غاية الاتضاع ، ومن كان متضعا ، فأنه لا يغضب ولا يدين أحدا ، ولكنه يري الناس كلهن أخيرا منه ، ومن يعلم أنه خاطيء لا يلوم الانفسه ، ولا يعتل به .
+ قالت القديسة سفرنيكي :
كما أن الوحوش النافثة يطردها حاد الأدوية ، هكذا الأفكار الخبيثة يطردها الصوم مع الصلاة .
+ اخذوا عن شيخ :
أنه كان جالسا في قلايته ، فأتاه أحد الأخوة في الليل ، وأراد الدخول اليه ، فلما بلغ الباب سمع صوته من داخل وهو يقول : يكفي ، يكفي حتي متي ؟ اذهبوا الآن من قدامي . ثم سمعه يقول ،تعال ، تعال ، يا صديقي . فلما دخل اليه قال : لمن كنت تتكلم يا أبي ؟ قال له : لحسياتي الرديئة كنت أطرد للصالحات كنت أدعو .
+ أخ من الاخوة سأل شيخا وقال :
يا أبت أعني فقد أهلكتني أفكار الزني ؟
فقال له الشيخ :
يا بني ، أن كنت تستطيع فلا تترك الفكر يسكن عندك .
قال : وكيف استطيع ذلك يا أبت ؟
قال : كلما بدا لك الفكر ، فلا تدعه يصعد الي دماغك ، بل الحقه بذكر الموت ، وخوف الله ، واذكر نتنك ، وكيف تصير القبر ، لأن هذا الفكر الرديء ، أن غلب الانسان يقوده الي قطع الرجاء واليأس من الخلاص ، وكمثل السفينة التي تصدمها الأمواج والعواصف الشديدة وأهوال البحر ، فأن أنزل عنها قدرا من الرمل أو مما تحمل ليخف حملها ، فأنها لن تعطب سريعا ، بل تسبح ، وأن أنكسرت رقبتها أو شيء منها ، فلا زال لها أمل صالح في السلامة . أما ان أصيبت بثقب من أسفلها ، وأمتلأت ماء ، فقد عطبت ، هكذا تكون حال الراهب ، فأنه أن تواني قليلا في بعض الأشياء قهو يؤمل أن يغلب بالتوبة ، أنما أن سقط مرة واحدة في الزني فقد عطب ويوشك أن يقاد الي اليأس في هذا الغرق .
+ قال قائل من الاخوة الرهبان لشيخ من الشيوخ :
يا أبي ، لست اجد في قلبي قتالا ؟ . فقال له : أنك تشبه القبة المرتفعة في وسط السوق ، فكل من أراد جاز تحتها ، كذلك قلبك ، أما أن أغلقت باب قلبك ، ولم تدخله الأفكار الرديئة لنظرت الأعداء يقاتلونك قتالا شديدا .
الله لا ينسي جهادنا
+ قال شيخ :
" أنه كان اخ قد جرب بأفكار تسع سنين حتي انه يئس من خلاصه ، ومن الخوف كان يقول : هلكت . ولما كاد أن ينقطع رجاؤه بالكلية ، صار اليه صوت قائلا أن الشدائد التي لحقت بك في هذه السنين التسع ، هي أكليل لك . لا تكل من الجهاد . فلما سمع هذا تقوي بالرجاء وخفت عنه الأفكار .
+ أخ حريص : قامت عليه قتالات صعبة سببت له حزنا شديدا لدرجة أنه كان يخاطب نفسه قائلا : ما دامت هذه الأفكار معي فلن أخلص . وكان يتواضع جدا فذهب الي شيخ كبير وسأله أن يصلي عليه لكي يرفع الرب عنه القتال ، فقال له الشيخ : بل هذا خير لم يابني . ولكنه ألح عليه ، فطلب الشيخ الي الله ، فاستجاب طلبته ورفع القتال عن الأخ . وأذا بالأخ قد صار يسبح لوقته في لجة العجب والعظمة ولكنه ندم عليه القتال الذي كان يسبب له الاتضاع .
( ب ) يقظة العقل حراسة الأفكار
سؤال :
أخبرني يبا أبتاه كيف يرصد الانسان قلبه ، وكيف يقاتل تجاه الشيطان ، وأن كان ينبغي له أن يسد مدخل الكلام قدام فكر الزني ، وأن هو دخل علي العقل فماذا يعمل ، وهل ينبغي أن يكون كعامي بوزن ؟
الجواب :
يا ولدي ، اذا حفظ الانسان قلبه فأنه يكون متنبها طاهراً ، وانما يعرض له القتال اذا تهاون يوماً ، فإذا أبصر العدو تهاونه عمل علي قتاله ، لأننا لسنا نقع الا من تهاوننا ، وأن كدنا لا نقاومهم لأنهم يريدون منك المحادثة كيما يشغلونك ولا يكفون ، فتقدم الي الله من أجلهم ، والق ضعفك أمامه وهو يصرفهم عنك ويبطل قوتهم .
وأما من جهة شيطان تالزني فيجد هو أن تسد عليه ولا تدعه يدخل ، لأنه اذا دخل نجسك وسجسك ، لأنه يتخذ له مادة منها وبها يستطيل عليم ، فأن هو خطفك فج
أية ( بغتة ) ودخل فيك ، لا تتوان حتي ولا وقتا قصيرا ، بل قم وجاهد والق ذاتك أمام الله وأقر بضعفك وأسأله أن يلقيه خارجا عنك .
أما من أجل الطعام ووزنه ، فليكن ذلك بالتخفيف والتحفظ .
سؤال :
أخبرني يا أبي كيف يكون الفكر مأكلا للسباع ؟
الجواب :
يصير الفكر مأكلا للسباع اذا لم يسبق الانسان الي لوم نفسه ، فأن هو تغافل جرحته بأنيابها وأظافرها ، فحسن أن تحتاج الي الالتصاق بالتوبة ، ويجب عليك الا تزكي نفسك ، وألا تقول انك شيء ، فتبرأ أوجاعك ، ولا تدين الآخرين .
+ قال شيخ :
" اذا جلست في قلايتك ، فلا تكن مثل قبر مملوء من التجاسات ، ولكن كن مثل اناء مملوء ذهبا كريما ، ولك حافظك ، حافظ النهار والليل ، التي هي قوة الرب ، التي تحفظ عقلك .
+ وقال أيضاً :
" أذا مدحك الفكر قل له : لماذا تمدحني ؟ أن السائرين في البحر حتي ولو هدأ عنهم هيجانه ، فماداموا بعد في اللجة فأنهم يتوقعون اهو اله وغرقه . كما الا يسرون بالنسبة للهدوء الذي يكون له احيانا ، لأنهم لا يطمئنون جملة ، حتي يصلوا الي الميناء ، نعم ، لأن كثيرين كانوا علي فم الميناء ولكنهم عطبوا .
+ وقيل أيضاً :
ان لم يحفظ الانسان التعليم الروحي ، ولم ينق قلبه من الأفكار القذرة ، فكل تعليم ينساه ويذهب عنه . وعند ذلك يجد العدو فيه مطمعا فيسقطه ، لأن النفس تشبه مصباحا مضيئا ، اذا توانت عنه ولم تتعهده بالزيت أنطفأ .
+ وقال القديس تادرس الاسقيطي :
أن الفكر السوء يأتي فيقلقني فاشغل وما أقدر أن أتمم الفعل لكنه يشغلني ويمنعني من الفضيلة .فأما الرجل المستيقظ فهو يتيقظ وينهض عليه بالصلاة .
+ قال القديس أبيفانيوس عند خروج نفسه :
أيقظوا قلوبكم بذكر الله . فتخف قتالات الأعداء عنكم .
+ قال أحد الآباء :
ليكن فكرك فكراً صالحاً هادئاً في أي موضع سكنت فيه .
+ قيل عن أخ من الرهبان :
انه زار شيخا تعبا في عمل الخير ،كان ساكنا في المغائر التي تقع فوق المكان الملقب باسرائيل ، وكان الشيخ ذا عقله متيقظ لدرجة أنه كان حيثما توجه ، يتوقف عن السير ويستعرض فكره ويسأله : كيف حالك يا أخي ؟ أين نحن ؟ . فاذا وجد عقله يترنم بالمزامير ومتضرعا ، حمده واستدامه ، وأن وجد ذاته متفكرا في أي شيء من الأشياء ، شتم ذاته في الحال قائلا : هلم من هناك . قف عند حدك . والزم عملك . وكان الشيخ يخاطب نفسه . بهذا الكلام دائما : يا اخي . يلوح لي أن الانصراف قريب ، ولست أري مجالا للنوم أو التهاون بعد . ثم ظهر الشيطان في وقت من الأوقات لهذا الفاضل وقال له : لماذا تتعب . أنك لن تخلص .
فقال له الشيخ :
وماذا يهمك أن كنت لا أخلص ؟ لكني سوف أوجد في العذاب فوق رأسك . وتحت كل من فيه .
وقال هذا الشيخ أيضا:
سبيل الراهب اذا وقف مع أخوة رهبان ، أن يطرق برأسه دائما إلي أسفل ولا ينظر بالجملة الي وجه انسان ، وخاصة وجه شاب ، واذا كان منفردا ينظر الي العلو دائما . ذلك لأن الشيطان من شأنه أن يغتم ويرتاع اذا نظرنا الي العلو نحو ربنا .
+ سأل أخ أنبا أمون مرة قائلا :
يا أبي ثلاثة أفكار تضايقني ، الأول : أن اسكن في البراري وحدي ، والثاني : أ، أمضي الي القرية حيث لا يعرفني أحدا ، والثالث : أن أحبس نفسي في القلاية ولا أجتمع بأحد ، وأصوم يومين يومين .
قال له الشيخ :
ولا واحد من هذه الأفكار تستطيع أن تمارسه كما ينبغي ، بل الأفضل أن تجلس في قلايتك ، وتأكل في كل يوم قليلا ، وتجعل كلمة العشار في فمك دائما قائلا : يا الله أغفر لي فأني خاطيء . وأنت تتنيح .
+ وقيل عن الأب جلاسيوس :
أيضا انه قلق من أفكار تعرض عليه الخروج الي البرية ، فقال لتلميذه : احرص علي عدم مخاطبتي هذا الأسبوع . ونهض وأخذ عصاه بيده وبدأ يمشي خارج القلاية ، وجلس قليلا ، ثم قام ومضي فلما صار العشاء قال لفكره : أن الذين يطوفون البرية ، خبزا لا يأكلون وتحت سقف لا ينامون . كما أن أولئك أيضا يقتاتون بالحشيش ، أما أنت فلكونك ضعيفا كل بقولا . فأكل ورقد تحت السماء ، واستمر علي ذلك ثلاثة أيام وهو يمشي طول النهار ، ويأكل في العشية بقولا يسيا وينام في العراء .
فلما تعب حينئذ بدأ يعاتب نفسه قائلا : بما أنك لا تقدر أن تقوم بأعمال أصحاب البرية ، فأولي بك أن تجلس في قلايتك وتبكي علي خطاياك ، ولا يطيش عقلك قائلا : أدخل الي البرية ، لأن عيني الرب في كل مكان ناظرة الي أعمال جميع الناس ، وهو يعرف جميع فاعلي الخير .
+ أخ من القلالي ، بل خوصا فلما جلس يعمل قال له فكره : اذهب الي قلاية الشيخ . فقال هو لفكره : أصبر سوف أذهب بعد أيام . فقال له فكره : فأن مت فكيف تذهب ؟ اذهب لتسأله عن الحصاد . فرد علي فكره : لما يأتي زمان الحصاد .. أو علي الأقل لما افرغ من هذا الخوص الملوك سوف أذهب .
عاد فكره وقال له : الهواء طيب اليوم . وأنه من ساعته نهض ليذهب الي الشيخ ، وكان لهذا الأخ جار قديس يري الغيب ، فلما رآه ذاهبا صاح به قائلا : يا مسبي ارجع وتعال . فلما قال له : ارجع الي قلايتك . فحدثه بقتاله كله ، وصنع له مطانية ، ورجع الي قلايته ، فصارت الشياطين بصوت عال غلبتمونا يا رهبان . وصارت الحصير اليت كانت تحته تلتهب كلها نار . ثم بادوا مثل الدخان . وهكذا تعلم ذلك الأخ خبث الشياطين وحيلهم من هذا المر
+ سأل أخ شيخا قائلا :
" أي شيء أصنع ، فأن أفكارا كثيرة تقاتلني ولست أدري كيف أقاتلها ؟ " . فقال له الشيخ : " لا تقاتل مقابل الكل دفعة واحدة ، ولكن قاتل واحدة ، لن أفكار الراهب أنما لها رئيس ، فاجعل بالك الي رئيسها ، ونحوه أجعل قتالك ، فإذا هزمت الفكر ، فقد أنهزمت البقية " .
+ سؤال :
كيف يمكنني أن أجيب أفكاري وليست لدي قوة ؟
+ الجواب :
لأنك تدين أخاك ، لهذا تنقطع قوة الروح القدس ، فتعثر بأخيك وأنت سبب العثرة ، أن كنت متأكدا أن الله حاضر وناظر لكل شيء ، فلم تبغض أخاك . أوضح لله أفكارك ، وقل أن الله يعرف ما فيه الخير ، وبذلك تستريح ، وشيئا فشيئا تأتيك قوة تستطيع بها أن تحتمل كل ما يأتيك ، كل من لا يحتمل الشتيمة فلن يبصر التسبحة ... وكل من لا يترك الغضب فلن ينذوق الحلاوة ، فأحرص بكل قوتك علي أن تكون غريبا عن الغضب ، ولتكن قدوة ومثالا لمنفعة الكل ولا تدن أحدا كما لا تحكم علي أحد .
+ سؤال :
كيف يمكن للانسان أن يفتش أفكاره لينجو من السوء ؟
+ الجواب :
تفتيش الأفكار هو هكذا : اذا أتاك فكر تأمل كنهه ، ولكي أقرب لك المعني أسوق اليك مثلا . اذا أتفق وشتمك انسان ، وأتاك الفكر أن ترد عليه ، قل لفكرك أن انا رددت عليه أحزانته وأعثرته ، فلأصبر أنا قليلا والأمر يجوز بسلام . كذلك أن كنت واحدا علي انسان أو في داخلك فكر بالشر من ناحية انسان فقل ما يأتي : أن الذي يفكر فتشه واقطعه عنك .
أما بخصوص الشهوة فأنها تحتاج انتباها كثيرا ، كما قال الآباء : أن أنت وجدت عقلك محاربا في الزني فتعال به الي القدسية . وأن حورب في الحنجرة فتعال به الي الامساك .وأن حورب في البغضة تعال به الي المحبة . وبذلك تصبح علي الدوام في يقطة وحذر ونجاة .
+ قال الأب برصنوفيوس :
اذا ما حركك فكر من الشيطان علي انسان ، فقل في نفسك بطول روح : أني قد أخضعت ذاتي لله لكيما اخدم آخرين ، فكيف عنك الفكر ، وكن دائما مستقصيا عن أفكارك ، ولتبكتها ، لأن الذي يبكت افكاره ويقول أنه خاطجيء ، وهو في فعله ليسر خاطئا ، فلهذا هو غاية الاتضاع ، ومن كان متضعا ، فأنه لا يغضب ولا يدين أحدا ، ولكنه يري الناس كلهن أخيرا منه ، ومن يعلم أنه خاطيء لا يلوم الانفسه ، ولا يعتل به .
+ قالت القديسة سفرنيكي :
كما أن الوحوش النافثة يطردها حاد الأدوية ، هكذا الأفكار الخبيثة يطردها الصوم مع الصلاة .
+ اخذوا عن شيخ :
أنه كان جالسا في قلايته ، فأتاه أحد الأخوة في الليل ، وأراد الدخول اليه ، فلما بلغ الباب سمع صوته من داخل وهو يقول : يكفي ، يكفي حتي متي ؟ اذهبوا الآن من قدامي . ثم سمعه يقول ،تعال ، تعال ، يا صديقي . فلما دخل اليه قال : لمن كنت تتكلم يا أبي ؟ قال له : لحسياتي الرديئة كنت أطرد للصالحات كنت أدعو .
+ أخ من الاخوة سأل شيخا وقال :
يا أبت أعني فقد أهلكتني أفكار الزني ؟
فقال له الشيخ :
يا بني ، أن كنت تستطيع فلا تترك الفكر يسكن عندك .
قال : وكيف استطيع ذلك يا أبت ؟
قال : كلما بدا لك الفكر ، فلا تدعه يصعد الي دماغك ، بل الحقه بذكر الموت ، وخوف الله ، واذكر نتنك ، وكيف تصير القبر ، لأن هذا الفكر الرديء ، أن غلب الانسان يقوده الي قطع الرجاء واليأس من الخلاص ، وكمثل السفينة التي تصدمها الأمواج والعواصف الشديدة وأهوال البحر ، فأن أنزل عنها قدرا من الرمل أو مما تحمل ليخف حملها ، فأنها لن تعطب سريعا ، بل تسبح ، وأن أنكسرت رقبتها أو شيء منها ، فلا زال لها أمل صالح في السلامة . أما ان أصيبت بثقب من أسفلها ، وأمتلأت ماء ، فقد عطبت ، هكذا تكون حال الراهب ، فأنه أن تواني قليلا في بعض الأشياء قهو يؤمل أن يغلب بالتوبة ، أنما أن سقط مرة واحدة في الزني فقد عطب ويوشك أن يقاد الي اليأس في هذا الغرق .
+ قال قائل من الاخوة الرهبان لشيخ من الشيوخ :
يا أبي ، لست اجد في قلبي قتالا ؟ . فقال له : أنك تشبه القبة المرتفعة في وسط السوق ، فكل من أراد جاز تحتها ، كذلك قلبك ، أما أن أغلقت باب قلبك ، ولم تدخله الأفكار الرديئة لنظرت الأعداء يقاتلونك قتالا شديدا .
الله لا ينسي جهادنا
+ قال شيخ :
" أنه كان اخ قد جرب بأفكار تسع سنين حتي انه يئس من خلاصه ، ومن الخوف كان يقول : هلكت . ولما كاد أن ينقطع رجاؤه بالكلية ، صار اليه صوت قائلا أن الشدائد التي لحقت بك في هذه السنين التسع ، هي أكليل لك . لا تكل من الجهاد . فلما سمع هذا تقوي بالرجاء وخفت عنه الأفكار .
+ أخ حريص : قامت عليه قتالات صعبة سببت له حزنا شديدا لدرجة أنه كان يخاطب نفسه قائلا : ما دامت هذه الأفكار معي فلن أخلص . وكان يتواضع جدا فذهب الي شيخ كبير وسأله أن يصلي عليه لكي يرفع الرب عنه القتال ، فقال له الشيخ : بل هذا خير لم يابني . ولكنه ألح عليه ، فطلب الشيخ الي الله ، فاستجاب طلبته ورفع القتال عن الأخ . وأذا بالأخ قد صار يسبح لوقته في لجة العجب والعظمة ولكنه ندم عليه القتال الذي كان يسبب له الاتضاع .
( ب ) يقظة العقل حراسة الأفكار
سؤال :
أخبرني يبا أبتاه كيف يرصد الانسان قلبه ، وكيف يقاتل تجاه الشيطان ، وأن كان ينبغي له أن يسد مدخل الكلام قدام فكر الزني ، وأن هو دخل علي العقل فماذا يعمل ، وهل ينبغي أن يكون كعامي بوزن ؟
الجواب :
يا ولدي ، اذا حفظ الانسان قلبه فأنه يكون متنبها طاهراً ، وانما يعرض له القتال اذا تهاون يوماً ، فإذا أبصر العدو تهاونه عمل علي قتاله ، لأننا لسنا نقع الا من تهاوننا ، وأن كدنا لا نقاومهم لأنهم يريدون منك المحادثة كيما يشغلونك ولا يكفون ، فتقدم الي الله من أجلهم ، والق ضعفك أمامه وهو يصرفهم عنك ويبطل قوتهم .
وأما من جهة شيطان تالزني فيجد هو أن تسد عليه ولا تدعه يدخل ، لأنه اذا دخل نجسك وسجسك ، لأنه يتخذ له مادة منها وبها يستطيل عليم ، فأن هو خطفك فج
أية ( بغتة ) ودخل فيك ، لا تتوان حتي ولا وقتا قصيرا ، بل قم وجاهد والق ذاتك أمام الله وأقر بضعفك وأسأله أن يلقيه خارجا عنك .
أما من أجل الطعام ووزنه ، فليكن ذلك بالتخفيف والتحفظ .
سؤال :
أخبرني يا أبي كيف يكون الفكر مأكلا للسباع ؟
الجواب :
يصير الفكر مأكلا للسباع اذا لم يسبق الانسان الي لوم نفسه ، فأن هو تغافل جرحته بأنيابها وأظافرها ، فحسن أن تحتاج الي الالتصاق بالتوبة ، ويجب عليك الا تزكي نفسك ، وألا تقول انك شيء ، فتبرأ أوجاعك ، ولا تدين الآخرين .
+ قال شيخ :
" اذا جلست في قلايتك ، فلا تكن مثل قبر مملوء من التجاسات ، ولكن كن مثل اناء مملوء ذهبا كريما ، ولك حافظك ، حافظ النهار والليل ، التي هي قوة الرب ، التي تحفظ عقلك .
+ وقال أيضاً :
" أذا مدحك الفكر قل له : لماذا تمدحني ؟ أن السائرين في البحر حتي ولو هدأ عنهم هيجانه ، فماداموا بعد في اللجة فأنهم يتوقعون اهو اله وغرقه . كما الا يسرون بالنسبة للهدوء الذي يكون له احيانا ، لأنهم لا يطمئنون جملة ، حتي يصلوا الي الميناء ، نعم ، لأن كثيرين كانوا علي فم الميناء ولكنهم عطبوا .
+ وقيل أيضاً :
ان لم يحفظ الانسان التعليم الروحي ، ولم ينق قلبه من الأفكار القذرة ، فكل تعليم ينساه ويذهب عنه . وعند ذلك يجد العدو فيه مطمعا فيسقطه ، لأن النفس تشبه مصباحا مضيئا ، اذا توانت عنه ولم تتعهده بالزيت أنطفأ .
+ وقال القديس تادرس الاسقيطي :
أن الفكر السوء يأتي فيقلقني فاشغل وما أقدر أن أتمم الفعل لكنه يشغلني ويمنعني من الفضيلة .فأما الرجل المستيقظ فهو يتيقظ وينهض عليه بالصلاة .
+ قال القديس أبيفانيوس عند خروج نفسه :
أيقظوا قلوبكم بذكر الله . فتخف قتالات الأعداء عنكم .
+ قال أحد الآباء :
ليكن فكرك فكراً صالحاً هادئاً في أي موضع سكنت فيه .
+ قيل عن أخ من الرهبان :
انه زار شيخا تعبا في عمل الخير ،كان ساكنا في المغائر التي تقع فوق المكان الملقب باسرائيل ، وكان الشيخ ذا عقله متيقظ لدرجة أنه كان حيثما توجه ، يتوقف عن السير ويستعرض فكره ويسأله : كيف حالك يا أخي ؟ أين نحن ؟ . فاذا وجد عقله يترنم بالمزامير ومتضرعا ، حمده واستدامه ، وأن وجد ذاته متفكرا في أي شيء من الأشياء ، شتم ذاته في الحال قائلا : هلم من هناك . قف عند حدك . والزم عملك . وكان الشيخ يخاطب نفسه . بهذا الكلام دائما : يا اخي . يلوح لي أن الانصراف قريب ، ولست أري مجالا للنوم أو التهاون بعد . ثم ظهر الشيطان في وقت من الأوقات لهذا الفاضل وقال له : لماذا تتعب . أنك لن تخلص .
فقال له الشيخ :
وماذا يهمك أن كنت لا أخلص ؟ لكني سوف أوجد في العذاب فوق رأسك . وتحت كل من فيه .
وقال هذا الشيخ أيضا:
سبيل الراهب اذا وقف مع أخوة رهبان ، أن يطرق برأسه دائما إلي أسفل ولا ينظر بالجملة الي وجه انسان ، وخاصة وجه شاب ، واذا كان منفردا ينظر الي العلو دائما . ذلك لأن الشيطان من شأنه أن يغتم ويرتاع اذا نظرنا الي العلو نحو ربنا .
+ سأل أخ أنبا أمون مرة قائلا :
يا أبي ثلاثة أفكار تضايقني ، الأول : أن اسكن في البراري وحدي ، والثاني : أ، أمضي الي القرية حيث لا يعرفني أحدا ، والثالث : أن أحبس نفسي في القلاية ولا أجتمع بأحد ، وأصوم يومين يومين .
قال له الشيخ :
ولا واحد من هذه الأفكار تستطيع أن تمارسه كما ينبغي ، بل الأفضل أن تجلس في قلايتك ، وتأكل في كل يوم قليلا ، وتجعل كلمة العشار في فمك دائما قائلا : يا الله أغفر لي فأني خاطيء . وأنت تتنيح .
+ وقيل عن الأب جلاسيوس :
أيضا انه قلق من أفكار تعرض عليه الخروج الي البرية ، فقال لتلميذه : احرص علي عدم مخاطبتي هذا الأسبوع . ونهض وأخذ عصاه بيده وبدأ يمشي خارج القلاية ، وجلس قليلا ، ثم قام ومضي فلما صار العشاء قال لفكره : أن الذين يطوفون البرية ، خبزا لا يأكلون وتحت سقف لا ينامون . كما أن أولئك أيضا يقتاتون بالحشيش ، أما أنت فلكونك ضعيفا كل بقولا . فأكل ورقد تحت السماء ، واستمر علي ذلك ثلاثة أيام وهو يمشي طول النهار ، ويأكل في العشية بقولا يسيا وينام في العراء .
فلما تعب حينئذ بدأ يعاتب نفسه قائلا : بما أنك لا تقدر أن تقوم بأعمال أصحاب البرية ، فأولي بك أن تجلس في قلايتك وتبكي علي خطاياك ، ولا يطيش عقلك قائلا : أدخل الي البرية ، لأن عيني الرب في كل مكان ناظرة الي أعمال جميع الناس ، وهو يعرف جميع فاعلي الخير .
+ أخ من القلالي ، بل خوصا فلما جلس يعمل قال له فكره : اذهب الي قلاية الشيخ . فقال هو لفكره : أصبر سوف أذهب بعد أيام . فقال له فكره : فأن مت فكيف تذهب ؟ اذهب لتسأله عن الحصاد . فرد علي فكره : لما يأتي زمان الحصاد .. أو علي الأقل لما افرغ من هذا الخوص الملوك سوف أذهب .
عاد فكره وقال له : الهواء طيب اليوم . وأنه من ساعته نهض ليذهب الي الشيخ ، وكان لهذا الأخ جار قديس يري الغيب ، فلما رآه ذاهبا صاح به قائلا : يا مسبي ارجع وتعال . فلما قال له : ارجع الي قلايتك . فحدثه بقتاله كله ، وصنع له مطانية ، ورجع الي قلايته ، فصارت الشياطين بصوت عال غلبتمونا يا رهبان . وصارت الحصير اليت كانت تحته تلتهب كلها نار . ثم بادوا مثل الدخان . وهكذا تعلم ذلك الأخ خبث الشياطين وحيلهم من هذا المر
بنت الملك- عدد الرسائل : 998
تاريخ التسجيل : 22/09/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى